الناشط المدني والكاتب
الصحفي سلام خالد
لبنان بلد ذو جبال خضراء وسماء صافية وبحر هادئ، الا ان السياسة الطائفية فيه لا تستطيع ان تحافظ على صفات هذا البلد دون ان تعكر صفوها، وتخلط الالوان الجميلة لتحصل على لون بلا اسم او وصف.
الاقتتال على السلطة حق مشروع في لبنان، وكلما كنت قويا في الداخل وتتمتع بدعم اقليمي فهذا مؤشر على نجاحك سياسيا بهذا البلد الصغير الذي يقول عنه اهله (بسبب ان بلادنا صغيرة يكتبوا اسم لبنان في الخريطة على البحر المتوسط).
ان من اخطاء السياسيين الفادحة هي دعوة الناس الى الخروج الى الشارع والتظاهر والتعبير عن الاحتجاج بالطرق المناسبة والتي دائما ما يندس بها المخربون ويعملون الفوضى.
المقاومة اللبنانية التابعة لحزب الله لم تخرج للشارع عندما انتقلت السلطة من رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، والسبب هو ان المسألة بين قادة الطائفة السنية، مما حدا بانصار الحريري (المهزوم) الى اختلاق اعمال عنف في بعض المدن اللبنانية، في حين ان المعروف على انصار الاخير هم من المسالمين والمثقفين!؟
على الرغم من تدخل السياسيين لاحتواء الموقف العنفي في شوارع لبنان الا ان هناك الكثير من الناس تعرضوا للاعتداء كونهم متواجدين بالمكان غير المناسب بالوقت غير المناسب.
عقلاء لبنان يدعون الى السلم الاهلي من جهة وهم يصبون الزيت على النار من جهة أخرى، ففضائياتهم لم تنفك تنقل خطابات الوعيد والتهديد وهناك من يقذف الاخر بالخيانة والغدر وغيرها من وسائل الخطاب غير المثقفة واللاواعية.
افتقار اللبنانيين الى روح التنازل والتسامح هو الذي جعلهم اداة بيد الذين لاتهمهم سوى مناصبهم والمواقع المهمة، كما ان لغة التهديد تزيد من روح الاحتقان في الشارع وبالتالي فالمتضرر الوحيد هو المواطن الذي يرزخ متعبا للحصول على لقمة العيش.
لبنان اليوم على شفا حفرة من الاقتتال والتشرذم بين فرنسا والغرب من جهة وبين سوريا وايران من جهة اخرى، والفصيل العنفي لحزب الله بدا هادئا وسلميا في المعركة التي نشبت بين اطراف الطائفة الواحدة.
اللاعنفيون في لبنان بين نارين النار الاولى هي العنف التي تحصد الاخضر مع اليابس بسبب وجودك بمحل العنف، والنار الثانية هي نار الضمير التي تستعر بقلوب اصحاب النوايا الحسنة والذين لا يرغبون بأن يروا بلادهم تحترق.
متى ما تسامح الاطراف المتنازعة فيما بينهم وتسامحوا وبنوا علاقات ثقة رصينة متبادلة بينهم، عندها يمكننا ان نرى شمس بيروت تشرق من جديد والا فاللون الاحمر بانتظار صافرة العنف ليغطي ارجاء لبنان الخضراء وأهلها الطيبين بلون الدمار والقتل.
اللاعنف في لبنان غدا معروفا بسبب رواد كبار ومفكرين قاموا بنشر هذه الثقافة في احلك الظروف الا ان السياسيين يروا أن اللاعنف يهدد وجودهم وبقاءهم فكل يوم نرى تصريحا ناريا لزعيم طائفي وكأن منصبه مثل التنور ووقوده تصريحاته ذات الطابع العنفي، لكنني اعلم جيدا ان البقاء للشعوب وليس للقادة واللاعنف سلاح امضى من أي سلاح اخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق