الناشط المدني والكاتب الصحفي سلام خالد
غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وازدياد فرص البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية الهامة كفيلة ان تزلزل الأرض من تحت أقدام المتربعين على عروش السلطة منذ عشرات السنين.
هذه هي الحكاية في أم الدنيا جمهورية مصر العربية ذات الـ80 مليون نسمة، التي خرجت تهتف وتقول (يا جمال قل لأبوك... كل الشعب يكرهوك)، إن الخروج على السلطة في مصر وسط الإجراءات المشددة لا يمكن إلا أن يعتبر نضال مدني وكفاح سلمي ضد الظلم والفقر.
إن تعبئة الشارع ليس بالشيء الهين ولا السهل خاصة بالمجتمعات التي تتميز بنوع من الثقافة والأدب والحس الفكري، إن الآلاف الكبيرة التي خرجت في عدد من المدن المصرية لم يكن هدفها إسقاط حكم مبارك الذي تولى السلطة من ما يزيد عن 27 عاما، بل هي رسالة تنبيه وتحذير، أن مقياس ريختر للزلازل حاضر لاحتساب الدرجة اللي سنضربك فيها إن لم تعدل الوضع في البلاد.
ان وقوع ثلاثة قتلى وأكثر من مئة جريح في يوم ثوري مصري كبير، هو مؤشر خطير على استماتة أصحاب السلطة بالبقاء بكراسيهم حتى وان تعرض الشعب لأسوء أنواع العذاب.
اللاعنف يدعو الى سحب الخصم إلى ساحة اللاعنف التي فيها كل وسائل النجاح ولكن انجرار اللاعنفيين بتهديدات الخصم يضعهم في وسط النار بل يفسح المجال أمام الخصم باستخدام كل ما عنده من قوة تحت مسميات الدفاع عن النظام العام او الدفاع عن النفس او الحفاظ على الممتلكات العامة..
عندما تتجرأ وتقول للحاكم او السلطان انك تكرهه، هذا يعني ان كان يحمل أي عقل انه اترك مكانك لغيرك لأنك لم تعد أهل له، ولكن شكوك الحكماء بنية خصومهم السلميين هي التي تجعل منهم طواغيت وقتلة.
ان عدم تمكن السلطات المصرية من اعتقال رئيس الصحفيين يحيى قلاش بسبب المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت عند وصولهم لمقر نقابة الصحفيين هو دليل واضح ان عنف السلطة لا يمكن ان يستمر أمام إرادة الشعب العادلة.
على المصريين ان يفكروا بسحب السلطة الى ساحتهم التي تضم كافة أنواع الأسلحة السلمية والتي يمكنهم من خلالها تجريد السلطة من قوتها وبالتالي فضحها أمام الرأي العام.
الخطوة الأولى في مصر تعلمنا ان الشعوب المقهورة غير مستعدة ان تصبر أكثر أمام الظلم وأمام الاستبداد، كما انه على السلطات ان تفكر بطريقة أكثر إنسانية بالتعامل مع الشعوب لأن القاتل والمقتول أن كان محتجا ام شرطيا هما من أبناء البلد وبالتالي الخسارة ستقع على البلد الذي يخسر أبناءه جراء اختلاف وجهات نظرهم.
كما ان ربط الإخلال العام بالأمن بالتظاهر والاحتجاج هو عمل غير منطقي لأن أهداف الناس هي الحصول على حقوقها وحرياتها فاذا كانت هكذا أهداف إخلال بالأمن فما هي الأسباب التي تدعوني للسكوت أمام دفع الضرائب والتجاوب مع الحكومة ذات العنف والظلم.
قبل ان نضمد جراحنا يحب معرفة ما يخطط له أصحاب السلطة وان لم يشرعوا بتعديل الواقع المرير فلن يكسبوا راحة ولا مستقبلا.
عندما يعلم الرئيس انه موظف لدى الحكومة من اجل الشعب وخدمتهم عند ذلك الوقت لا ينفع العنف معه لأنه باحتجاج واحد وظاهرة يسقط ونأتي بغيره، وتوريث الحكم ليس لمصلحة الشعب بل لمصلحة الطبقة الفاسدة في السلطة كما ان التعديلات الوزارية التي تأتي استجابة لمطالب الناس هي لإرضائهم وليس لخدمتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق